ظاهرة مؤسفة نقرأها في حياة أسرنا وشبابنا, وهي أن الكثير من الشبان والفتيات لايريدون مغادرة المرحلة الطفولية حتى وإن تجاوزوا عتبة المراهقة ودخلوا في سن الشباب وناهزوا العشرين.
شبان تغيرت أجسادهم, ونمت عظامهم, وخط شعر اللحية عوارضهم وهم لايزالون يمارسون اللهو كما لو كانوا أطفالاً بعد..
وإذا سألت قيل لك: ينتظره تعب طويل, فلماذا نرهقه من الآن؟
وهو جواب مغالطة لأن التعب الطويل المنتظر أو المفترض إذا لم يجد الظهر القوي فإنه سيكسره !! وسيكون – إذا أهمل بهذه الطريقة من الإهمال – تعباً أطول.
قد يكون لطبيعة الحياة المادية الإستهلاكية الترفيه دور في تحديد مرحلة الطفولة لسنوات أخرى.. لكن للمشكلة وجهاً آخر.
الأسرة هي المسؤول الأول.. فلقد عرفت شباباً تخطوا سن التكليف الشرعي وهم بعد لايعرفون الصلاة ولاشيئاً من العبادات ناهيك هن مسائل الحلال والحرام الأخرى.. الحياة العصرية ليست حياة قدرية لامناص ولاخلاص منها.. هي تفرض واقعها وتفرز سمومها, لكن المسألة هي مسألة (المتلقي) و(مدى الاستجابة) فإذا كانت الأم أو الأب او الوالدان يرون في ابنهم الذي أصبح شاباً طفلهم الصغير المدلل.
كما يقول شوقي, فإن منشأ الخطورة يكون من هنا, ذلك أن التعامل يتغير بإدراك الوالدين أن المرحلة تغيرت, وان المسؤولية ايضاً تغيرت تبعاً لها.
متى يشعر أولادنا – أكبادنا – أن الحياة ليست طفولة مستديمة ولا لهواً دائماً ولاعبثاً ولا سدى؟ ومتى يستشعرن مسؤولياتهم الدينية والإجتماعية إذا كان الذي تغير هو طبيعة الألعاب التي يلعبون بها ومازال اللعب هو اللعب؟ ومتى نلتفت – كأسر حريصة – أن نحد من الظاهرة لا أن نقف موقف المتفرج أو المكتوف اليدين منها ؟!
المربي الإسلامي حينما يدعو الى التوطئة وتمهيد الأرضية للشاب أو الفتاة قبل دخولهما عالمي الرجولة والأنوثة لايريد أن يسرق من سنوات الطفولة سنة أو سنتين بشكل تعسفي, إنما هو يحضر للمرحلة القادمة حتى يكون الدخول إليها سلساً سليماً وبلا ردود فعل سلبية أو متشنجة, فهو يعطي مرحلة التمرين أو التدريب ما تستحقه من اهتمام, حتى يكون ما بعدها هيناً ليناً وكأنه جزء موصول بما سبقه, وهو أيضاً لم يسقط حق المتدرب أو المتمرن, فأعمال الصبي المميز – حتى قبل بلوغه – مقبولة إن أراد بها وجه الله وأداها بشكلها الصحيح.
ظاهرة مؤسفة, ظاهرة تداخل المرحلة العمرية على نحو الامتداد الطوعي السائب لتبتلع سنوات حيوية من عمر الشاب بحجة إنه لايزال صغير, فمتى تنتبه بعض العائلات لخطورتها وآثارها المستقبلية ؟!